“في مجال المراقبة، تفضل الصدفة العقول المتأهبة فحسب.” لويس باستور
يبكي الأطفال في الأشهر الأولى من حياتهم عندما يواجهون أية مشكلة بكونهم غير قادرين على الكلام. إنهم يبكون عندما يكونون جائعين، أو لديهم آلام في المعدة، أو متعبين، أو يشعرون بالحمى، وما إلى ذلك. على الرغم من أن هذه المشاكل قد تختلف، إلا أن الصرخات تبدو نفسها دائمًا بالنسبة لوالديهم. والآباء والأمهات الذين لا يعرفون كيفية تفسير صرخات أطفالهم لا يعرفون ماذا يفعلون لمساعدتهم أيضًا. قد تكون حياة الطفل صعبة، لكن حياة الوالدين ليست سهلة أيضًا.
فمشكلة بكاء الأطفال قديمة قدم الزمن، ومع ذلك لم يتم التقصي منها بدقة إلا في ستينيات القرن الماضي. أثبت أولي واسز هوكرت، الأستاذ الجامعي في جامعة هلسنكي، أن هناك أربع فئات من بكاء الأطفال تتزامن مع احتياجاتهم [1]، واقترح طريقة يمكن من خلالها للوالدين تدريب أنفسهم على التعرف على كل منها. أثارت دراسات واسز هوكرت إعجاب العالم الأكاديمي في ذلك الوقت، لكن طريقته أثبتت عدم فعاليتها حيث كان الآباء قادرين على تفسير صرخات أطفالهم بنسبة 33٪ فقط (وهذا أفضل بقليل من التكهن بها). ومع ذلك، بعد 30 عامًا تم إدخال نظريته في خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي كانت قادرة على تفسير بكاء الأطفال تلقائيًا بمعدل نجاح يصل إلى 70٪. وبالتالي، جاء حل عملي انطوى على وضع ميكروفون متصل بجهاز كمبيوتر بالقرب من سرير الطفل لعرض المشكلة المتعلقة به. ومع ذلك، كان معدل النجاح صغيرا جدا حتى يكون بالإمكان استخدامه في منتج تجاري، وبقي الآباء على حالهم.
وفي عام 1998، ظهرت نظرية جديدة حول بكاء الأطفال. لاحظت السوبرانو بريسيلا دونستان أن بكاء طفلها الصغير توماس يبدأ في كل مرة بأصوات معينة تختلف قليلاً بناءً على الموقف. بدت الأصوات متطابقة تقريبًا في كل مرة، لكن بريسيلا – بأذنها الموسيقية – تمكنت من ترجمتها إلى كلمات: “نيه” = جائع؛ “إيه” = الحاجة إلى التجشؤ؛ “أوه” = متعب؛ “إيره” = ألم أسفل البطن؛ و “هيه” = انزعاج جسدي. ربما ظل اكتشاف بريسيلا مجهولاً لو لم يتدخل والدها، الذي كان يعمل في جامعة نيو ساوث ويلز في سيدني. وبدأ دراسة على 400 طفل رضيع ولاحظ أن الأصوات التي نطقوا بها قبل البكاء كانت متشابهة ومرتبطة باحتياجات معينة. ونظرا لكونها فيزيولوجية، فمن الطبيعي أن تكون الأصوات متماثلة لدى جميع الأطفال. وهكذا أثبتت الدراسة وجود لغة يبلغ فيها الأطفال عن احتياجاتهم. وسميت هذه اللغة “لغة دونستان للأطفال”، وأثبتت نجاحها لدى الآباء في العديد من البلدان.
قد تبدو حقيقة أن الأطفال الصغار يبكون بشكل متماثل بغض النظر عن أصلهم العرقي فكرة بسيطة، لكن تم إثبات الطابع العالمي للغة الأطفال اعتبارا من عام 2018 فقط. وضع فريق بحثي من رومانيا خوارزمية تصنف بكاء الأطفال بمعدل نجاح 89٪. ثم تم التحقق من الخوارزمية وتطويرها لاحقا من قبل باحثين من إندونيسيا والهند والولايات المتحدة، مما أدى إلى وصول معدل النجاح إلى 94.7٪ [4-6]. تعمل خوارزمية الذكاء الاصطناعي نفسها التي تم تدريبها من قاعدة بيانات لتسجيلات الأطفال الأستراليين بشكل جيد جدا مع التسجيلات الصوتية للأطفال الرومانيين الرضع. تدعم دار كتب ميمو للنشر هذا المشروع وتدعو أي شخص مهتم بهذا الموضوع للمساعدة من خلال إكمال قاعدة البيانات. إذا كنت تعمل في مجال حديثي الولادة، فيرجى الاتصال بنا على عنوان دار النشر.
ميمو
إقرار: حقوق النشر العالمية للواصفات الصوتية للأطفال من دونستان “نيه” و “أوه” و “إيه” و “إيره” و “هيه” وأي اختلافات طفيفة محفوظة لشركة Dunstan Baby Pty Ltd 1998-2021. جميع الحقوق محفوظة.
المراجع
[1] O. Wasz-Höckert, T. Partanen, V. Vuorenkoski, K. Michelsson, E.V. “The Identification of some Specific Meanings in Infant Vocalization”, Cell. Mol. LifeSci 20(3), 154 (1964)
[2] Mukhopadhyay, J., Saha, B., Majumdar, B., Majumdar, A.K., Gorain, S., Arya, B.K., Bhattacharya, S.D., Singh, A.: An evaluation of human perception for neonatal cry using a database of cry and underlying cause. In: 2013 Indian Conference on Medical Informatics and Telemedicine, ICMIT 2013 (2013).
[3] E. Franti, I. Ispas, and M. Dascalu, “Testing the Universal Baby Language Hypothesis – Automatic Infant Speech Recognition with CNNs,” in 41st International Conference on Telecommunications and Signal Processing TSP 2018, pp. 1–4, 2018.
[4] T. N. Maghfira, T. Basaruddin, A. Krisnadhi, “Infant cry classification using CNN – RNN”, in Journal of Physics Conference Series, April 2020.
[5] Chunyan Ji, Sunitha Basodi, Xueli Xiao, and Yi Pan, Infant Sound Classification on Multi-stage CNNs with Hybrid Features and Prior Knowledge, Springer Nature Switzerland AG 2020, AIMS 2020, LNCS 12401, pp. 3–16, 2020, https://doi.org/10.1007/978-3-030-59605-7_1
[6] Noreen Iftikhar, Dunstan Baby Language, Healthline, June 29, 2020, https://www.healthline.com/health/baby/dunstan-baby-language#does-it-work